" معركة نحوية "
ﻗﺎﻣﺖ ﺍﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻨﺤﻮﻳﺔ ﺑﺈﻧﺸﺎﺀ ﻋﺎﻟَﻤَﻴﻦ :
ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ، ﻭﻋﺎﻟﻢ ﺍﻹﻋﺮﺍﺏ .
ﺃﻭﺩَﻋﺖ ﺍﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻨﺤﻮﻳﺔ ﻓﻲ ﻋﺎﻟَﻢ
ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ : ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ،
ﻭﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻹﻋﺮﺍﺏ :ﺍﻷﺳﻤﺎﺀ،
ﺍﺳﺘﺠﺎﺑﺖ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﻟﻬﺬﺍ؛
ﻓﺄﺻﺒﺢ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﻣﺒﻨﻴًّﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﺘﺢ ( ﺫﻫﺐَ، ﺧﺮﺝَ، ﻧﺰﻝَ ) ،
ﻭﺃﺻﺒﺢ ﻓﻌﻞ ﺍﻷﻣﺮ ﻣﺒﻨﻴًّﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻜﻮﻥ ( ﺍﺫﻫﺐْ ﺍﺧﺮﺝْ، ﺍﻧﺰﻝْ ) ،
ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻤﻀﺎﺭﻉ، ﻓﻜﺎﻥ ﻣَﻐﺮﻭﺭًﺍ؛
ﺣﻴﺚ ﺭﻓَﺾ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ، ﻭﻃﻠﺐ ﺍﻟﺮﻓﻊ،
ﻭﻋﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻟﻦ ﻳﻨﺎﻝ ﺍﻟﺮﻓﻊ ﺇﻻ
ﺇﺫﺍ ﺍﻧﺘﻘﻞ ﺇﻟﻰ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻹﻋﺮﺍﺏ،
ﻓﻐﺎﺩَﺭ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ،
ﻭﺗﻮﺟَّﻪ ﺇﻟﻰ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻹﻋﺮﺍﺏ،
ﺗﺎﺭﻛًﺎ ﺃﺭﺿﻪ ﻭﺃﺻﻠﻪ . ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻤُﻀﺎﺭﻉ ﺃﻥ ﻳﺪﺧﻞ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻹﻋﺮﺍﺏ،
ﻭﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺮﻓﻮﻋًﺎ .
ﻭﺑﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻔِﻌﻞ ﺍﻟﻤﻀﺎﺭﻉ ﺟﺪﻳﺪ
ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻹﻋﺮﺍﺏ؛
ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻳﺘﻘﻠَّﺐ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺼﺤَّﺔ ﻭﺍﻟﻤﺮﺽ ( ﺍﻟﻌِﻠَّﺔ ) ؛ ﻷﻥ ﺃﺟﻮﺍﺀ ﺍﻹﻋﺮﺍﺏ ﺗَﺨﺘﻠﻒ ﺗﻤﺎﻣًﺎ ﻋﻦ ﺃﺟﻮﺍﺀ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ،
ﻭﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻘﻠُّﺐ ﻓﻲ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ،
ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻤﻀﺎﺭﻉ ﻻﺑﺪَّ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺻﺤﻴﺤًﺎ ﺣﺘﻰ ﻳُﻈﻬﺮ ﺍﻟﻀﻤﺔ،
ﻭﻗﺪ ﻳُﺼﺎﺏ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻤﻀﺎﺭﻉ ﺑﻤﺮﺽ ( ﻋﻠﺔ )
ﺇﺫﺍ ﺍﻧﺘﻬَﺖ ﺣﺮﻭﻓﻪ ﺑـ ( ﺍﻟﻮﺍﻭ - ﺍﻟﻴﺎﺀ - ﺍﻷﻟﻒ ) ،
ﻓﻼ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺇﻇﻬﺎﺭ ﺍﻟﻀﻤَّﺔ؛
ﺑﺴﺒﺐ ﺿَﻌﻔِﻪ،
ﻓﺘﻜﻮﻥ ﺍﻟﻀﻤَّﺔ ﻣُﻘﺪَّﺭﺓً ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻠﻤﺖ ﺍﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻨﺤﻮﻳﺔ ﺑﺨﺒﺮ ﺭﺣﻴﻞ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻤﻀﺎﺭﻉ،
ﻓﻘﺎﻟﺖ :
ﻻ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺍﻟﺮﻓﻊ ﻣَﻦ ﺗﺮﻙ ﺃﺻﻠﻪ ﻭﻫﺠَﺮ ﺃﻫﻠﻪ،
ﻓﺄﻋﻠﻨﺖ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﺃﻋﺪَّﺕ ﺟﻴﺶ ﺍﻟﻨﻮﺍﺻﺐ ﺑﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻷﺩﺍﺗَﻴﻦ ( ﺃﻥ - ﻟﻦ ) ،
ﻭﺟﻴﺶ ( ﺍﻟﺠﻮﺍﺯﻡ ) ،
ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﻳُﺸﻜِّﻞ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺑﺎﺭِﻋﺔ ﻣِﻦ ﺍﻷﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﻘﻮﻳﺔ؛
ﻣﺜﻞ ﺍﻷﺩﺍﺗﻴﻦ :
( ﻟﻢ - ﻻ ﺍﻟﻨﺎﻫﻴﺔ ) ﻟﻠﻘﻀﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺣﺮﻭﻑ ﺍﻟﻌﻠﺔ
ﻭﺑﻌﺪ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺣﺼﻞ ﻟﻠﻔﻌﻞ ﺍﻟﻤﻀﺎﺭﻉ،
ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﻳﺰﺍﻝ ﻣُﺼِﺮًّﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻘﺎﺀ ﻓﻲ ﻋﺎﻟَﻢ ﺍﻹﻋﺮﺍﺏ،
ﻓﺎﺳﺘﻌﺎﻥ ﺑﻮﺍﻭ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻭ ﺍﻟﻒ ﺍﻻﺛﻨﻴﻦ ﻭﻳﺎﺀ ﺍﻟﻤﺨﺎﻃﺒﺔ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ﺣﺮﻭﻑ ﺍﻟﻌﻠﺔ ﻓﺄﺻﺒﺢ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻤﻀﺎﺭﻉ ﺑﺬﻟﻚ ﻳﺘَّﺼﻒ ﺑﺸﻜﻞ ﺟﺪﻳﺪ،ﻭﺍﺳﻢ ﺟﺪﻳﺪ :
( ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﺨﻤﺴﺔ ) ، ﻭﺃﺻﺒﺤﺖ ﻋﻼﻣﺔ ﺭﻓﻌﻪ " ﺛﺒﻮﺕ ﺍﻟﻨﻮﻥ "
ﻭﺑﻤﻮﺟﺐ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭﺍﺕ ﻋﻘﺪﺕ ﻣﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻨﺤﻮ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋًﺎ ﻃﺎﺭﺋًﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﻨﻮﺍﺻﺐ ﻭﺍﻟﺠﻮﺍﺯﻡ؛
ﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﺟﻬﻮﺩﻫﻤﺎ ﻓﻲ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻤﻀﺎﺭﻉ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ،
ﺍﻧﻄﻠﻘﺖ ﺍﻟﻨﻮﺍﺻﺐ ﻭﺍﻟﺠﻮﺍﺯﻡ ﻟﺨﻮﺽ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﻗﻮﻳﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻤﻀﺎﺭﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻀﺎﻋَﻔَﺖ ﻗﻮﺗﻪ، ﻭﺑﻌﺪ ﺍﺣﺘﺪﺍﻡ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﻭﺍﻟْﺘﺤﺎﻡ ﺍﻟﻔﺮﻳﻘَﻴﻦ،
ﺍﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﺍﻟﻨﻮﺍﺻﺐ ﻭﺍﻟﺠﻮﺍﺯﻡ ﺃﻥ ﺗﺤﺬﻑ ﺍﻟﻨﻮﻥ ﻣِﻦ ﺁﺧﺮ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻤﻀﺎﺭﻉ ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺍﻧﺘﺼﺮﺕ ﺍﻟﻨﻮﺍﺻﺐ ﻭﺍﻟﺠﻮﺍﺯﻡ؛
ﻓﻌﺎﺩﺕ ﺇﻟﻰ ﺃﺩﺭﺍﺟﻬﺎ ﺳﺎﻟﻤﺔ ﻓَﺮِﺣَﺔ ﺑﻤﺎ ﺣﻘَّﻘﺘْﻪ ﻣِﻦ ﻧﺼﺮ ﻋﻈﻴﻢ .
ﻭﺑﻌﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻬﺰﺍﺋﻢ ﺍﻟﻤﺘﻼﺣﻘﺔ، ﺍﻧﻘﻄﻌﺖ ﺣﻴﻠﺔ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻤﻀﺎﺭﻉ،
ﻓﺮﻓﻊ ﻃﻠﺒًﺎ ﻟﻠﻤﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻨﺤﻮﻳﺔ ﻳَﺴﺘﺴﻤِﺤﻬﺎ ﺍﻹﺫﻥ ﻟﻪ ﺑﺎﻟﻌﻮﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﻭﻃﻨﻪ ﺍﻷﺻﻠﻲ،
ﻟﻜﻨﻪ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﺇﻳﻘﺎﻑ ﻧﺰﻳﻔﻪ،
ﻓﺮﺣﺖ ﺍﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﺑﻬﺬﺍ؛ ﻓﺄﺭﺳﻠﺖ ﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻮﺭ ( ﻧﻮﻥ ﺍﻟﺘﻮﻛﻴﺪ - ﻧﻮﻥ ﺍﻟﻨﺴﻮﺓ )
ﺑﺪﻻً ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻮﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﺣﺬﻓﺖ ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺍﺳﺘﻌﺎﺩ ﺍﻟﻤﻀﺎﺭﻉ ﻋﺎﻓﻴﺘﻪ،
ﻭﻗﻮﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺟﻮﻉ ﺇﻟﻰ ﻋﺎﻟَﻤِﻪ ﺍﻷﺻﻠﻲ،
ﺑﺼﻮﺭﺓ ﺗُﺮﺿﻲ ﺃﺧﻮﻳﻪ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﻭﺍﻷﻣﺮ،
ﻓﻘﺪ ﺃﺻﺒﺢ ﻣﺒﻨﻴًّﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺇﺭﺿﺎﺀً ﻟﻠﻤﺎﺿﻲ،
ﻭﻣﺒﻨﻴًّﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻜﻮﻥ ﺇﺭﺿﺎﺀً ﻟﻸﻣﺮ.
وللشجار بقية
#فقه_اللغة
#النحو
No comments:
Post a Comment